العشششششششششششششششق
الحمد الله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ.
وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال.
وأهل العشق يعانون من ويلاته، ويلاقون العناء من مراراته; ذلك أن العشق
داءٌ دويٌّ، تذوب معه الأرواح، ولا يقع معه الارتياح; فمن ركب بحره،
وتلاعبت به أمواجه كان إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة.
هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي
إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق
علينا_إذاً_أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ
على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.
وليس من الرحمة بهم أن نذكي نيران عشقهم بذكر أخبار العشاق، وتصويرهم على
أنهم أبطال; فنحرك بذلك الكامن، ونبعث كل ساكن; بدعوى تسلية العشاق، وتزجية
فراغهم، والتوسعة عليهم.
فليس هذا من الرحمة; فأي رحمة ترجى وهي على حساب زيادة البلاء?
فمن بلاء المريض رِفْقُ الطبيب به، وترك علاجه; خوفاً من تكديره وإزعاجه.
إن رفقَ الطبيبِ على هذا النحو خيانة لِفنِّه، وقدح في أمانته، وزيادة في البلاء على مريضه.
وما خير رفقِ ساعةٍ يتجرع المريض بسببه آلام السنين ?!